كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين
نستكمل الحديث في سيرة سيدة النساء فاطمة الزهراء بعد ان تحدثنا في ليلتين ماضيتين عن ولادتها وزواجها.
فاطمة عليها السلام بعد ان انتقلت الى بيتها واستقرت مع زوجها علي وكان هذا البيت محاط بعناية الله ورسوله وورد ذكره في القرآن بأية التطهير ووردت روايات كثيرة تثبت ان اهل البيت المعنيين في هذه الآية هم بيت فاطمة وعلي وابنائهما فضم هذا البيت افضل شخصيتين بعد رسول الله صل الله عليه واله ،ضم امير المؤمنين وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وذكرنا سابقا ان الرسول صنع تقسيم لدوري الزوج والزوجة فقضى لفاطمة بما دون الباب الى الداخل وقضى بما بعد الباب الى الخارج لعلي ولا يعني هذا ان لا يعين احدهما الاخر في مسؤوليته وفي رواية ان الرسول دخل بيت علي وفاطمة فرى علي ينقي العدس وهو كما يبدوا دور فاطمة ولكن بما ان وضع فاطمة وحملها وولادتها وظروفها الصحية وهذا يستدعي مساعدة علي لها .
وفي الروايات حديث لرسول الله (العاملون في بيوتهم هم الصديقون من امتي) فالرجل الذي يعيين زوجته وخصوصا وقت حاجتها يقوي علاقتهما وكذلك العكس فالزوجة التي تعين زوجها في وقت ضيقه المادي وكما يذكر ان علي ذهب الى السوق وجلب جزة صوف لتغزلها فاطمة ومن ثم يبيعها فيعينه ذلك في صرفه على بيته ولذلك اصبح مغزل فاطمة له قيمة معنوية يتوارثه أبنائها.
انجبت الزهراء عليها السلام أربعة من الأبناء الامام الحسن انجبته في السنة الثالثة من الهجرة وبعده في السنة الرابعة انجبت الامام الحسين وفي السنة السادسة انجبت السيدة زينب الكبرى وفي السنة السابعة او الثامنة حسب ما نقله المؤرخون انجبت ام كلثوم والثابت ان زينب الكبرى الوارد ذكرها في معركة كربلاء هي السيدة زينب اما ام كلثوم فالوارد ذكرهما ان السيدة زينب خطبة خطبتها المشهورة وبعدها قامت ام كلثوم وخطبت أيضا وحينما نقرئ الخطبتين يتبين الفرق الكبير بين زينب واختها التي هي اصغر منها ، بعد ذلك حملت بالشهير المحسن الذي قتل واسقط جنينا اثناء الهجوم على دار فاطمة وعلي من اجل اغتصاب الخلافة واخذ بيعة علي عنوة كما ورد ذكر ذلك في الروايات
فمن سنة 2 للهجرة الى شهادتها سنة 11 للهجرة خلال هذه الفترة حملت السيدة بخمس أولاد مع لم تقصر في عملها و خدمتها لأسرتها في المنزل وهذا ما يرد ذكره عن امير المؤمنين في وصفه لعمل فاطمة ( ان فاطمة طحنت بالرحى حتى مجلت يداها واستقت بالقربة حتى اثر في رقبتها وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها ) وفي مجال التعليم وتدريب وتعليم النساء المسلمات المسائل الشرعية كما ينقل الامام أبو جعفر الباقر عليه السلام ( ان على الحائض ان تقضي الصيام دون ان تقضي الصلاة وكان رسول الله يأمر فاطمة ان تخبر النساء المؤمنات بهذا ) فكانت النساء تأتي لفاطمة لتعليمهن وتفهيمهن المسائل الشرعية المتعلقة بقضايا النساء . وكما يذكر ان السيدة فاطمة كانت صبورة في تعليم النساء اللاتي لا يستوعبن المسائل بسهولة فكما يذكر ان امرأة بسيطة الفهم جاءت لفاطمة وسألتها فلم تفهم وطلبت اعادت ما قالته الى ان وصلت اعادتها لسبع مرات وحينما قيل لها لماذا تعيدين قالت في كل إعادة اجر عظيم عند الله.
وحينما اشتكت فاطمة لأبيها تعبها الجسدي علمها تسبيحة نسبت اليها بتسبيحة الزهراء تريحها نفسيا من التعب الجسدي الذي الم بها جرى إنجازها لعملها في المنزل وتربية ابناءها وحملها وولادتها.
حتى عندما أعطاها رسول الله من يعينها في المرة الثانية وجاءت فضة لمساعدتها جعلت عليها الخدمة يوم وعلى فضة يوم اخر ،في نفس هذا الاطار تجسد في فاطمة وبيتها اعلى درجات الزهد في الدنيا كما اوصاها والدها فكان حينما يرى صعوبة الحياة على فاطمة يقول لها ( يا بنية تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة ) ففاطمة قدوة في التنازل عن متع الدنيا والاستعانة بالصبر على الفقر والفاقة وينقل انه أصاب علي عليه السلام من الغنية مقدار من المال فجاء علي عليه السلام واشترى بذلك المال اسوارين من الفضة وستار واعطائهما لفاطمة عليها السلام وكانت عادة النبي اذا خرج من المدينة اخر نظرة تكون تفقد بيت فاطمة و اذا عاد للمدينة كان اول بيت يدخله هو بيت فاطمة عليها السلام ويسلم عليها ثم ينصرف الى بيته وكما يذكر في تلك الفترة حينما اشترى علي ذلك لفاطمة لاحظت ان الرسول لم يزرها كعادته فعلمت ان الرسول لاحظ الستار وعلم باقتنائها للسوار ولم يعجبه ذلك فقامت عليها السلام بإزالة الستار الجديد واعطت الامامين الحسن والحسين السوارين الفضيين وامرتهما بأخذهم لرسول الله ويقولا له امي تقول لك اقسمهما فيمن شئت وحينما قال رسول الله فعلتها فداها ابوها مع ان الرسول لم ينهها ولم يعاتبها على اقتنائهم فهو ليس حرام ولا عيب ولكن فهمت رسالة رسول الله لها بان امتلاكها للسوارين ينافي زهدها في الدنيا فاخذ رسول ذلك وباع السوارين وانفقه على فقراء المدينة ومن ثم اخذ الستار وكان طويلا فاقتطع منه واعطاءه لمن لم يكن يمتلك لباسا من الفقراء وقال يافا طمة من كسى مسلم ما يواري به عورته كساه الله من ثياب الجنة .
ولهذا نرى ان امتداد النبي محمد جعله الله من فاطمة بالرغم من ان النبي انجب ذكرين الا انهما لم يبقيا في هذه الحياة الدنيا وكذلك الرسول تزوج تسعة من النساء الا ان نسله لم يكن الا من فاطمة وهذا عكس المتعارف فنسل الرجل في العادة يكون من ولده الا النبي محمد كان نسله وسلالته من فاطمة وهذا تميز اختصت به فاطمة عن سائر البشر
فهذه السيدة الطاهرة التي وصفت بسيدة نساء العالمين بالرغم من تسميت مريم بسيدة نساء العالمين والرسول يرد على تسال البعض حينما يقول فاطمة سيدة نساء العالمين فيقال وأين مريم فيقول مريم سيدة نساء عالمها اما فاطمة فهي سيدة نساء العالمين في كل عصر وزمان.
من الأمور التي عاشتها فاطمة بعظيم الحزن والالم هي وفاة رسول الله صل الله عليه واله وسلم فقد كان هو الخيمة المضللة على بيتها والراعي لأسرتها فحينما توفى رسول الله تكالبت الفتن والهموم والغموم على اسرتها .
ومن فترة مرض رسول الله كانت فاطمة تشعر بالحزن والقهر وبالخصوص حينما اخبر رسول الله بما يجري على اهل بيته وامته بعد موته وهذا وارد في الروايات منها رواية ابن عباس انه دخل على رسول الله فوجده تدمع عيناه فقال له يا رسول الله لما تدمع عيناك فقال ابكي لما يصيب ابنتي فاطمة من بعدي." ونحن نعتقد ان الرسول لديه علم الهي بما سيحدث من بعده " .
ونرى ان ما جرى على فاطمة من ظلم وانتهاك لحقوقها والتعدي عليه جسديا فتعصر بين الجدار والباب وتسقط جنينها وهذا ما ورد في حديث عن رسول الله ( كأني بها وقد دخل الذل دارها والظلم بيتها فتستغيث ولا من مغيث وتستجير ولا من مجير ) وهي من قالت ( صبت علي مصائب لو انها صبت على الأيام صرن ليالي ..) وبقيت على تلك الحال من الحزن والالم والمرض وأنشئ امير المؤمنين بيت الاحزان لفاطمة لتختلي عن اهل المدينة وتبكي ابيها وحالها الى ان انتقلت الى مثواها الأخير سلام الله عليك يا فاطمة الزهراء.