تفريغ نصي الفاضلة أم سيد رضا
روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ذات يوم وقد أخذ بيد فاطمة الزهراء وقال: من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي قلبي وروحي التي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل ) صدق سيدنا ومولانا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
هناك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله عرَّفت الناس بفاطمة ومنزلتها وشأنها، وهناك خط آخر وهو الخط الاموي وإن كان سابقاً عليه من الناحية التاريخية ولكنه تجلى في الشخصيات الأموية والإتجاهات الاموية في تاريخ المسلمين، فهذا الإتجاه قدًّم فاطمة الزهراء عليها السلام بنحو آخر والسبب في ذلك أن قضية الزهراء هي قضية محرجة للغاية تفتح سؤالاً لا يمكن إغلاقه، ولعل ما ورد عنها بأنها الحجة على الخلائق فيه أيضاً إشارة إلى هذا المعنى.
تثير قضية الزهراء عليها السلام أسئلة صعبة، فالمسلمون يتفقون بأن من مات ولم يكن في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية، والزهراء عليها السلام ماتت وهي واجدة وغاضبة وغير مبايعة لخليفة الوقت، فهذا يعني إما أنها ماتت ميتة جاهلية أو أن هذا الشخص ليس بإمام، وهناك حديث رواه الحاكم النيشابوري بأسانيد متعددة في كتابه (المستدرك) وهو: (إن الله يرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضب فاطمة)، كيف يتفق هذا الحديث مع ما قالته فاطمة عليه السلام بأنها غاضبة على فلان وفلان ولم تقبل بأن يشهدوا جنازتها ويصلوا عليها؟ كيف يمكن الإجابة على هذا السؤال؟.
الإتجاه الآخر (الإتجاه الأموي) قاموا بتقديم نموذجاً آخر وصورة أخرى لفاطمة وهو أن فاطمة ليست هي التي نزلت في حقها الآية المباركة: ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)).
أولاً: قاموا هؤلاء بمحاصرة أحاديث فاطمة الزهراء عليها السلام، ففاطمة التي لديها مصحف فاطمة المعروف وهو ثلاثة أضعاف القرآن الكريم والذي فيه من التفسير والعقائد والأخلاقيات والحديث عن المستقبل، جعلوا لها حديث واحد فقط موجود في صحاح المسلمين، ولوا تساءلنا عن المدة التي عاشتها الزهراء عليها السلام مع أبيها بناء على الرواية الإمامية بأنها ولدت في السنة الخامسة للبعثة إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي ما يقارب 18 إلى 19 عاماً ولو افترضنا أنها كانت تسمع كل يوم حديثاً واحداً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكم حديثاً من المفترض أن تنتج عليها السلام؟، فغيرها ممن تزوجهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعدما هاجر إلى المدينة نتج عنهم أكثر من 2000 حديث، وفاطمة الزهراء عليها السلام التي لا تخرم مشيتها مشية رسول الله يُنقل عنها حديث واحد فقط، فهل يعقل ذلك؟!
ثانياً: وضعوا الحديث التالي الذي قامت بعض البلاد الإسلامية بوضعه في قسم من المناهج التعليمية وهو: (يا فاطمة اعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئاً) وهذا فيه علامات من الكذب والوضع واضحة، لأنه بناءً على رأي الإمامية فإن فاطمة الزهراء عليها السلام لم تكن مولودة في ذلك الوقت لأنها ولدت في السنة الخامسة للبعثة والإنذار في يوم الدار كان في السنة الأولى، وحتى لو افترضنا بأنها ولدت في أول البعثة فهي في وقت الحادثة لم تكن مكلفة شرعاً حتى يقول لها رسول الله ذلك، فهذا الإتجاه أراد القول بأن فاطمة منفصلة عن النبي وأن الإحترام والإكرام والمنزلة التي عند النبي لا تنتقل إليها بشيء ولا يغني عنها شيء، بل وأنهم وضعوا حديثاً آخر وهو: ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )، فقاموا بإخفاء مناقبها واقتصاص بعض الأحاديث التي تحتوي على حقها كالحديث ( كمل من الرجال كثير وكمل من النساء مريم وآسيا وخديجة )، والصحيح عند الإمامية وبأسانيد غير البخاري ومسلم هو: ( كمل من النساء أربع: مريم وآسيا وخديجة وفاطمة بنت محمد )، والسبب في اقتصاص هذا الحديث عندهم لأنه إذا كمل عقلها لا يستطيعون حل نزاع الآخرين معها، ولكن الكذوب ينسى والدليل على ذلك أنهم في حديث آخر قالوا: (سيدات نساء الجنة أربع وهم ومريم وآسيا وخديجو وفاطمة)، فكيف لا تكون كاملة وهي من سيدات نساء الجنة؟!
قاموا أيضاً بتكذيب بعض الأحاديث ووضعوا لها مناسبات كاذبة كالحديث: (إن الله يرضى لرضى فاطمة ويغضب لغضبها) وهناك أحاديث كثيرة في كتبهم أيضاً في هذا الجانب ولكنهم حتى يعالجوا هذا الامر قالوا بأن هذا الحديث نزل في علي بن أبي طالب عليه السلام الذي أغضب فاطمة ويستدلون بذلك من قصة يرويها المسور بن مخرمة وهو رجل من مناقبه أنه ما ذكر معاوية إلا وصلى عليه، فهذا الرجل قال ان علي بن أبي طالب قد تقدم لخطبة امرأة من بني مخزوم في أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأراد ان يتزوج على فاطمة الزهراء وهي بدورها غضبت منه واشتكت عند والدها الذي غضب أيضاً من فعل علي بن أبي طالب وقام بدعوة الناس وقال لهم بأنه لا يرضى لعلي بن أبي طالب أن يجمع بنت رسول الله مع بنت عدو الله في منزل واحد وأن فاطمة يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، فقد قاموا بعل هذا كله من أجل اسقاط هذه الشخصية العظيمة.
لذلك تكرر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ فاطمة بيده ويؤكد على حقها وانها بضعه منه وروحه التي بين جنبيه وغيرها من الاحاديث التي لا تحصى ولا تحصر وقد كان الغرض من ذلك هو أن تُقدّم هذه الصديقة الطاهرة للناس كما أرادها الله سبحانه وتعالى سيدةً لنساء العالمين أجمعين، ولولا علي بن أبي طالب عليه السلام وهو سيد الخلق بعد رسول الله لما كان لها كفؤ أبداً.
عندما استأذنوا على فاطمة وعلى أمير المؤمنين عليه السلام كما في بعض الروايات لم تقبل فاطمة بأن يدخلوا حتى قال لها علي عليه السلام بأن تسمح لهم بالدخول، فعندما دخلوا أدارت وجهها إلى الناحية الأخرى وقاموا بالإعتذار فقالت لهم: ألستما سمعتما من رسول الله يقول فاطمة بضعة مني من أسخطها فقد أسخطني ومن أغضبها فقد أغضبني ومن أسخطني فقد أسخط الله؟ قالوا بلى، فقالت عليها السلام: إذاً أُشهد الله أنكم قد أغضبتموني وأسخطموني.
ولذلك فإن هذا السؤال فتحته فاطمة الزهراء حتى اليوم ولا يمكن إغلاقه إلا بالتجاوز عنه والإخفاء ولكن حتى حين، ففاطمة هذه هي المنزلة العظيمة والدرجة العالية كما قال عنها أحد العلماء الأبرار الشيخ حسين الأصفهاني وهو أستاذ أساتذة مراجعنا الحاليين وهو فيلسوف كبير وأصولي محقق بالإضافة إلى ذلك أنه كان شاعراً ولديه قصيدة اسمها الانوار القدسية، من جملتها يذكر فاطمة الزهراء عليها السلام ويقول: (جوهرة القدس من الكنز الخفي، بدت فأبدت عاليات الأحرف، وقد تجلى في سماء العظة من عالم الأسماء أسمى كلمة، صديقة ما مثلها صديقة.....، ويبدأ يسترسل فيما ورد في صفاتها وفي مناقبها وإشارات إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يقول: لهفي لها لقد أُضيع قدرها، حتى توارى بالحجاب بدرها).
هذه هي فاطمة فلعنة الله على ظالميها وغاصبيها حقها و المخفين قدرها.
فاطمة الزهراء عليها السلام بين لسان النبي وتصوير الإتجاه الأموي
أضيف بتاريخ 01/09/2020
Admin Post