كتابة الفاضلة رياحين
قال الله تعالى في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم
{إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} آمنا بالله صدق الله العظيم
سنتحدث هذه الليلة في بعض شؤون النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وما أكثرها والجانب المهم منها هو جهده العظيم حتى وصل إلينا هذا الدين فأصبحنا بنعمته مسلمين موحدين ومن شيعة أهل بيته الكرام 0 لم يكن هذا الأمر كما تعلمون شيئا سهلاً وإنما بذل فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لم يبذله نبي من الأنبياء من الجهد والتخطيط والتفكير والعمل إلى الدرجة الذي يخاطبه القرآن الكريم فيها {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا } سورة الكهف آية6،
يعني أنت يا رسول الله تريد أن تقتل نفسك بكثرة الجهد والعمل والتفكير والتخطيط والتفكير والجهاد من أجل أن ينتشر الدين ولا نعهد خطاباً في القرآن الكريم لنبي من الأنبياء بهذه الصورة، كأن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه رسول الله خفف على نفسك قليلاً ، هون عليك ، لا تتلف نفسك فلا تذهب نفسك عليهم حسرات وهذا خطاب من الباري عز وجل لنبي من أنبيائه وهم كثيرون ولكن أختص فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون غيره من الأنبياء ‘ وهذا على مستوى الشخصي في العبادة ‘ لقد قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليله حتى تورمت قدماه 0
أما على المستوى الجهادي والعملي فجاء هذا الخطاب {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2)} ومرة أخرى {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} ومرة أخرى {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ} ومرة رابعة {لَقَدْ جاءكم رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم} ‘إلى غيره من الخطابات0
ومن أوضح إنجازات الرسول (صلى الله عليه وآله) هو جهاده العسكري وقتاله وقيادته للحروب وتوجيهه للسرايا وهو من حيث العدد كبير ومن حيث الكيفية عظيم 0 تصور إن واحد يعيش عشر سنوات بمعدل كل شهر ونصف عنده معركة من المعارك 0 هل تتصور حياة إنسان أحد أعماله هذا العمل الجهادي وباقي أعماله إمامة الجماعة وتعليم الناس وتثقيف الأمة والبناء الاقتصادي والبناء الاجتماعي وغير ذلك 0 واحد من أعماله الخروج لأحدى المعارك أو تدبير المعركة وقيادتها ولو من بعيد 0 هذا ما ذكر إمامنا الهادي (عليه السلام): إن نبينا المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله)خاض مواطن كثيرة بلغت نيفاً وثمانين لأن في زمن الإمام الهادي(عليه السلام) سُئل عن شخص نذر إن شفي أن يتصدق بمال كثير فتحيروا الفقهاء في ذلك الوقت ‘ ما هو هذا المال الكثير ؟
طبعاً تعلمون أن المفروض في النذر أساساً أن يكون دقيقاً محسوباً، ما يصير الواحد يقول إذا شفي إبني إن شاء الله أصوم أو أعطي أو أصلي، لا بد التدقيق في مثل هذه الأمور (تعيين عدد آيام الصوم، عدد ركعات الصلاة، المال الذي سيتصدق به) 0 أما عدم التحديد فيه إشكال عند الفقهاء0
في موارد معينة حار تفسيرها في الروايات في مثل هذا المورد (أنه لو شخصاً نذر بمال كثير فماذا يعطي؟ فتحير الفقهاء في ذلك الزمان بعضهم، فيختلف هل هو غني أو فقير، فسألوا الإمام الهادي (عليه السلام) فقال لهم: إذا تصدق بمبلغ مقداره (80 أو81 أو 82) درهما، فتسائلوا عن مصدر هذا الكلام، فرد عليهم الإمام من القرآن {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ}، فعددنا مواطن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبلغت ثمانين أو أكثر بقليل (نيفاً وثمانين) 0
تصور ثمانين معركة وغزوة وسرية بعضها مثل تبوك يحتاج لآيام في الطريق وكان الجو حاراً جدا، حتى بعضهم يتلف في الطريق من قلة الماء وبعضها كان النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة ويوجه مجموعة من المسلمين لمكان معين ومقاتلة فئة معينة 0
ثمانين واقعة عسكرية للنبي (صلى الله عليه وآله) ولو قسمناها على عشر سنوات يعني في كل سنة ثمان حوادث عسكريا تقريبا، يعني كل شهر ونصف معركة وقتال وغير ذلك، وهذا شيء كبير في الواقع 0 ولكن لولا هذا الأمر وهذه الطريقة ما كان يتشكل عمود الإسلام وأن تكون شجرته باسقة ولكن لو نفذ هذا الشيء لكانوا يتربصون به 0
يعني كان هناك ثلاث قوى كبيرة تتربص بالإسلام الدوائر لكي تقضي عليه وهي:
القسم الأول: الوثنيون العابدون للأصنام (كفار قريش)
هذا القسم ظلوا في حالة صراع مع النبي (صلى الله عليه وآله) من أول بعثته قبل الهجرة ب 13سنة وهم يعذبون أصحابه ويقتلون عبيد المسلمين وأشتد ذلك بعد هجرته حيث لم يُترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى في المدينة وكانت المسافة(450كلم) من مكة للمدينة ورسول الله (صلى الله عليه وآله) مطارد وحدثت الغزوات (بدر الصغرى، غزوة بدر الكبرى، أحد، الخندق، الأحزاب) وغيرها وما تركوه إلا مرغمين بعد فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكة والقضاء على قدرتهم 0
القسم الثاني: اليهود
اليهود كانوا يترقبون مجيء رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأن عندهم أخبار بأن الله سيبعث في مكة نبي من أنبيائه وأن مكة دار بعثته والمدينة دار هجرته أي يبقى في المدينة ولأنهم مؤمنون به وأنه أخو نبي الله موسى في اعتقادهم ويأتي بما أتى به موسى وكتاب لكتابه ، فقرروا بناءً على ذلك الذهاب للمدينة ، ونشير هنا أن اليهود ما كانوا أصليين في المدينة ولكنهم جاءوا على فترات مختلفة ومن مناطق متعددة نظراً لأنهم قرأوا في كتبهم أن دار النبي المنتظر والمبعوث في آخر الزمان هي المدينة المنورة، فقرروا الذهاب اليها ، وعندهم يقين أن النبي(صلى الله عليه وآله) سيخلص المدينة من الكفار ولذلك استقروا بالمدينة ولكن لما جاءهم انكروا أن هذا هو النبي وتآمروا عليه وكذبوه وحاولوا اغتياله عدة مرات لذلك النبي فكر بإخراجهم من المدينة وأن لا يبقيهم فيها لأنه موجود وثائق مع وجود اتفاقيات مهمه بينه وبينهم ولذلك لما جاء مهاجراً ما أجبرهم على الإسلام لأنهم ما
قبلوا ذلك ولذا أمر باتفاقية بينه وبينهم حيث رؤساء الأوس والخزرج أسلموا قبل مجيء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والفترة التي ذهب لهم مصعب بن عمير والمرسل إليهم من قبل النبي(ص)
بعدة سنوات قبل هجرته فقسم منهم كثير أسلم ولما جاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) أسلموا أهل المدينة كلهم من الأوس والخزرج ، فالمدينة حاكمها رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو سيدها واليهود قالوا له عندنا دين وكتاب ورسالة فلا نحتاج لدينك ‘إذن تعايشوا معنا ولا تخونوا ولا تغدروا ولا تكونوا عونا للكفار علينا ويأمن بعضنا بعض لكم حياتكم الخاصة ولنا حياتنا الخاصة ولكم دينكم ولنا ديننا وعمل معاهم اتفاقية فيها حوالي 50مادة قانونية تنظيم العلاقة بين المسلمين وبين اليهود وهي منصفة للغاية لليهود بشرط عدم التآمر على المسلمين0 ويقال أن أقدم نص ينظم العلاقة بين المجتمعات وأفضل النصوص التي تنظم أصحاب الديانات في مجتمع واحد0
ولكن تعلمون أن اليهود في النص القرآني {فبما نقضهم ميثاقهم}، فتآمروا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ليقتلوه، بعد غزوة أحد ذهب النبي إلى بني النظير وكانوا موجودين عند أطراف المدينة (وهو حي خاص فيهم مزارع وأموال وغيرهم) وكانت عندهم القوة المالية، ذات مرة في المدينة احتاج رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أن يقترض دية لبعض الأشخاص الذين قتلوا خطأ (هناك أنواع للقتل: القتل العمدي القصاص، والقتل الخطأ هو الدية) فصارت مسألة ليس الآن بصددها فقتل عدداً من أبناء المسلمين وأراد الرسول حل هذه المشكلة، النبي في هذه الفترة ليس عنده أموال كثيرة وفي معركة بدر الكبرى كانوا عندهم فرسين فقط حيث أنهم جيش(300نفر)
وأكثرهم كانوا يمشون على أرجلهم وكان عندهم عدد من النياق ولكنها لا تنفع في الحرب يعني أن وضع المسلمين المادي في هذه الفترة ضعيف، فذهب النبي ليقترض من بني النظير اليهود مبلغ هؤلاء المسلمين مقابل التسديد اليهم بعد ذلك، ولكنهم فيما بينهم يتآمرون على النبي بألقاء حجراً كبيرا عليه (حجر الرحى) والرسول (صلى الله عليه وآله) كان جالسا عندهم وفي هذا الأثناء نزل جبرائيل على الرسول وأخبره بالمؤامرة عليه فقم من مكانك 0 فعزم النبي ورجع المدينة فوراً ورجع معه مجموعة من المسلمين وأخبرهم عن تآمر اليهود عليه وجهز الرسول جيشاً وحاصرهم وأمرهم بالخروج من المدينة أو القتال وبالفعل استسلموا وخرجوا من مناطقهم وتفرقوا فبعضهم راحوا إلى بني قريضه وبعضهم ذهبوا إلى خيبر الفئة الثانية وهذه حاربت النبي وحاربها على مراحل وأيضا بني قريضه حاربها لأن تعاونوا مع كفار قريش ضد المسلمين في غزوة وأيضاً جمعوا من القبائل الأخرى (2000) مقاتل مقابل إعطائهم كل محصول الرطب في هذه الفترة في تلك المنطقة حتى يخمدوا نداء الله وأنتهى الأمر إلى تطهير النبي (صلى الله عليه وآله) المنطقة منهم فشن عليهم حملة بعد الانتهاء من غزوة الأحزاب والخندق وطلع بني قريضه من المدينة المنورة وانتهى بهم الأمر إلى خيبر أيضاً شن عليهم حملة وهم على بعد (160كلم) من المدينة لأنهم مستمرين بمعاونة الكفار على المسلمين حتى أن بعض زعمائهم خرجوا من خيبر وراحوا إلى مكة وقالوا لكفار قريش : لماذا أنتم قاعدون وأذلاء صابرين على القتل وغير ذلك ، فردوا عليهم لا نستطيع المواجهة لأن جربناهم أكثر من مرة ، فردوا عليهم إحنا نعينكم على ذلك من أموال وسلاح ونعرفكم على عثراتها ومناطقها المدنية وانتهى الأمر أن النبي (صلى الله عليه وآله) أيضاً ذهب إليهم في خيبر واستطاع التغلب عليهم بالرغم إنهم ظنوا {وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ} 0 الآن كثير من زوار المدينة من زوار المدينة يذهبون إلى خيبر وهي قلعة شاهقة في السماء ولكنها خيبر مع مئات سنين تناقصت وتهدمت والزائر يتعجب من هذا البناء ولكن الله نصر نبيه وجاء وليه علي بن ابي طالب (عليه السلام) ودحى بابها بقدرة كف أقوياء الأقدار من ضعافها وهكذا فتح ذلك الحصن وتهادت قوة اليهود وباقي اهل مكة يقضي عليهم
قضاء مبرم وباقي الدولة الرومانية مسيحيون وكان عندهم حشود في المنطقة العربية وكان معاهم الغساسنة وكان معاهم نصارى العرب ونصارى بني تغلب وهؤلاء أيضا خط متقدم من المسيحين الخارجيين 0 فلما نبي الله فتح مكة وبدأ يرسل رسله أطراف المنطقة يمناً وشمالا للدعوة إلى الله ‘ وأرسل مجموعة من رسله إلى طرف الغساسنة وهذا شرحبيل الغساني أخذ رسول النبي (صلى الله عليه وآله) وقال ما عندك إلينا ، قال أنا مرسل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال اليهم: نحن لا نعرف رسول الله ولا شيء قدمه إلينا فقتله 0 وهذا يعتبر من الجرائم لأنه مبعوث ومرسول من النبي(صلى الله عليه وآله) ، وتحدث النبي(صلى الله عليه وآله) فجهز له جيشاً واشتبكوا وكانت بينهم معركة مؤته الذي استشهد فيها جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثه ورجع الجيش ولم يكن قد حقق انتصارا ، وجهز النبي (صلى الله عليه وآله) جيشاً هو قائدها إلى تبوك وكان عدد المقاتلين المسلمين فيها(30000)ثلاثون الف وكان على تخوف حقيقي على تبوك لأن تبوك تبعد كثير عن المدينة وهي على حدود الأردن فالذهاب اليها فترة والرجوع منها فترة والبقاء فيها فترة ويحتاج من يحمي المدينة ويقودها بشكل مناسب فكان الإمام علي (عليه السلام)هو قائد المدينة فجعل النبي علي(عليه السلام) على مدينته وخرج بعض المنافقين والحاقدين على أمير المؤمنين وقالوا إن النبي يكره علي ولا يحب صحبته لذلك خلفه بين النساء والصبيان0 فسبحان الله إذا أراد نشر فضيله طويت فتح لها لسان حقود، فجاء الإمام علي(عليه السلام) وقال للنبي(صلى الله عليه وآله) أن القوم يزعمون كذا وكذا علماً بأن الإمام علي(عليه السلام)يعرف ذلك ولكن يريد النبي ينطق ويتناقل عنه ،فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): ( أمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى؟ إِلَّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي) فذهبت هذه بالفضائل والمناقب كلها0 من أعظم الأحاديث في بيان منزلة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنسبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) هو هذا الحديث، لماذا؟ لأن هذا ما يستطيع أحد يغير الفاظه ولا يغير معناه (أنت مني بمنزلة هارون بن موسى) لابد من الرجوع للقرآن {هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرا* ً نَذْكُرَكَ كَثِيراً*إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرا*قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسَى} بعدها يقول {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}،{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا}هنا بعد الخطاب تغير من موسى إلى خطاب اثنان ، المخاطب بالنداء الإلهي في الرسالة ، ماذا تصنعان، هما موسى وهارون بعدما قال: {قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} يا موسى ، صار الخطاب لإثنين بعد أن كان الخطاب به واحده وهو موسى(عليه السلام)0 فهنا منزلة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وموقع أمير المؤمنين(عليه السلام) منه بمنزلة هارون من موسى ما عدا النبوة لأن هارون نبياً وباقي المراتب ثابتة في أمير المؤمنين كما ثبتت لسيد الأنبياء محمد(صلى الله عليه وآله)0
أما بالنسبة لفتح مكة كان سنة (8هـ)، أنهى النبي(صلى الله عليه وآله) بهذا الفتح شوكة قريش للأبد ، ما عندهم مؤامرة للأبد ، فاستلم الرسول(صلى الله عليه وآله) البلد وعين فيها والياً عليها، وجعل منزلة الذي يحاربونه في السابق هي الأقل حتى قال عنهم انتم الطلقاء(أنتم اهل قيادة أو أمارة أو تقدم) وأنتم الطلقاء والأقل منزلة من المسلمين 0فأنت الطليق المفروض تصفى وتُقتل ولكن نحن { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} مننا عليك وعطفنا وحنونا عليك وجعلناك طليق يعني في الرتبة الثانية لأن الرتبة الأولى للمسلم العادي والرتبة التي فوق ذلك هي لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ولأهل بيته عليهم السلام 0فالآن هؤلاء الطلقاء لا يستطيعون التصدر ، قبل كانوا يقودون الأنصار، أما الآن يقولون اليهم الأنصار أنتم الطلقاء أقل منا وليس باستطاعتكم قيادتنا 0
القسم الثالث: الدولة الرومانية
تم فتح مكة وبقي قضية تبوك وهذا العدو الثالث والأخير وهي الدولة الرومانية حيث استطاع الرسول(صلى الله عليه وآله) تجييش الجيش العظيم وسار المسار والمشوار الطويل جدا في آيام شديدة الحرارة وكانت أوضاعهم أوضاع سيئة وكان يتكلم عنها القادة العسكريين وكانوا يعجبون كيف أن رسول الله(صلى الله عليه وآله)استطاع السيطرة على هذا الجيش مع حرارة الجو وبعد المسافة وانعدام الإمدادات حتى بعضهم كان يعصرون المياه في كرش الأبل حتى تترطب حلوقهم ولكن الرسول(صلى الله عليه وآله) واصل مشواره واستمر واستطاع أن يهزم القوات الرومانية قبل أن يشتبك معها ، لما وصلوا إلى هناك فالكفار الرومان رأوا أن هذا النبي قد جاء على رأس الجيش وجمع هذا الجيش وكان مستعدا للقتال ، فرأوا الكفار لا طاقة لهم بهذه المواجهة والقتال فانسحبوا أمام رسول الله(صلى الله عليه وآله) واستطاع الرسول أن يسيطر على هذه المنطقة الطويلة والعريضة وأصبحت داخل دولته الإسلامية 0
بهذا الجهد انتهت ثلاثة أعداء:
العدو الأول: كفار قريش عبدة الأصنام من العرب وفي مكة وجوارها كانت طائفتين ثقيف والطائف وقريش أيضا هزمها رسول الله عدة مرات 0
العدو الثاني: اليهود وكانوا داخل المدينة وكسر شهوتهم وأخرجهم، ومن الأشياء الجميلة التي خلدها القرآن الكريم في سورة الحشر هي حروب النبي مع اليهود وانتصار رسول الله (صلى الله عليه وآله) على اليهود شرح لنفسياتهم وحربه معهم وماذا كانوا يقولون وكيف واجههم حيث يقول تعالى { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَبْصَٰرِ}إلى غير ذلك من الآيات المباركة0
العدو الثالث: الرومان وهي مواجهة الكفار منهم والمسيحيون المتعصبون الذين شنوا الحرب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تحقق قول الله عز وجل {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} 0
سبحان الله العظيم والحمد لله رب العالمين ونستغفر الله من كل ذنب عظيم ونتوب إليه، هذا تحقق في زمن رسول الله (ص) وتحقق بعد تلك الجهود الكبيرة والعظيمة وبقي دورنا نحن المسلمون في نشر هذا الدين والحفاظ عليه بالالتزام بتعاليم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبدوام ذكره 0
وسوف نشير في ليلة من الليالي أن ما يقوله بعض المتعصبين من أنه لماذا الشيعة لا يهتمون برسول الله كما يهتمون بالحسين، فالحسين عزاء ولطم ومواكب وغير ذلك ولكن النبي ليس كذلك، هذا السؤال سؤال كاذب وهو سؤال ليس لزيادة الاهتمام برسول الله(صلى الله عليه وآله) ولكنه واقعاً يقول قللوا الاهتمام بالحسين ولا يريد أن يقول زيدوا بالاهتمام برسول(صلى الله عليه وآله) ، لماذا نقول لهم لا تهتموا بالحسين ولنرى اهتمامكم برسول الله(صلى الله عليه وآله) ، أكثر المسلمين لا يعلمون متى توفي رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فكيف هذا الاهتمام ؟! فأنت ليس مهتما بالحسين فأخبرني متى توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ كثيرون الذين يثيرون هذا السؤال ويعتبرون الاحتفاء برسول الله ومناسباته بدعة محرمة 0 نقاش عندهم والآن في هذه الفترة سيأتي مولد النبي(صلى الله عليه وآله) وسيكون عندهم نقاش على المستوى العالم الإسلامي غير الشيعي ، فريق عنده الاحتفاء بمولد الرسول(صلى الله عليه وآله) جيد وفريق آخر حرام وبدعة ، نبي الله لا نحتفل بميلاده ولا عزاء في زمن وفاته ولم يأمر بذلك ، أين اهتمامكم وتستشكل الصلاة على محمد وآل محمد(اللهم صل على محمد وآل محمد)وينتقدون الشيعة بكثرة صلاتهم على محمد وآل محمد في كل أمور حياتهم وحتى ضريحه يسلم عليه من بعيد 0 ماهي أوجه اهتمامك برسول الله(صلى الله عليه وآله) ؟!
عندنا حسبة بسيطة لأي شيعي في الكون لو صلى من بداية بلوغه حتى يصل إلى عمره (60سنة) يكون في رصيده مليون ومائتين الف (1200000) صلاة على النبي محمد وآله (اللهم صل على محمد وآل محمد) لأن عندنا(17ركعة) في اليوم وفي كل ركعة بعد الذكر الصلاة على محمد وآل محمد وعندنا(34سجدة) في اليوم (ضعف الركعات) وفي كل سجدة بعد الذكر الصلاة على محمد وآل محمد، بالسهولة بلغ عدد الصلوات في كل يوم (51 صلاة على محمد وآل محمد) وأكثر الشيعة مشغول ذكرهم بالصلاة على محمد وآل محمد وفي مجالسهم وأفراحهم وعزائهم وغير ذلك0 والشيعة تعتقد أن الدعاء محجوب حتى يصلي الداعي على محمد وآل محمد ويصلي عليه قبل الدعاء ويختم دعائه بالصلاة على محمد وآل محمد ويكفي أنه إذا سمع اسم محمد صلى عليه وعلى أهل بيته 0 نتقرب إلى الله ونتوسل إليه برسول الله وأهل بيته عليهم السلام بل حتى حزنهم على الحسين هو بوصية رسول الله(صلى الله عليه وآله)لأنه ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونرى في التاريخ الكثير من الشهداء ولكنه الإمام الحسين (عليه السلام) أختلف عنهم لأن الرسول أمر بذلك وهذا موجود عندهم وعندنا في صحيح بن حبان وفي مسند أحمد وفي غيرها بأسانيد صحيحة مجملها إنه استأذن ملك(القطر)المطر ربه أن يزور رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فنزل إلى الأرض وجاء إلى بيت رسول الله واستأذن وكانت أم سلمة معه فدخل ملك القطر على رسول الله(صلى الله عليه وآله) وسلم عليه فطلب النبي الانفراد وأمر أم سلمة أن لا يدخل عليهم أحد، فدخل إلى داخل دار النبي وملك القطر فجاء الحسين (عليه السلام) فدخل فوراً إلى غرفة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأخذ يعتنقه النبي ويقبله ويجلسه تارة على كتفه وأحيانا على فخذه ، فقال له ملك القطر أتحبه: قال بلى ، فقال له ملك الموت أن أمتك ستقتله عطشانا وإن شئت أتيتك بتربة من تراب قبره ، فأتى بتربة من تراب كربلاء فأعطاها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فبكى رسول الله قبل مقتله بعد عقود من الزمان حيث كان عمره يتراوح بين 4هـ و 5هـ حتى نصل إلى وقت شهادته الإمام الحسين(عليه السلام) 50سنة ، وفي مصادر إن جبرائيل فعل ذلك وقد تكون الحادثة متكررة أو متحدة ، وهناك فريقان من ذكر ذلك وأعطى التربة لأم سلمة وأمرها بالاحتفاظ بها وقال لها: إذا صارت التربة دما عبيطاً فأعلمي أن أبني الحسين قد قتل ، فوضعتها أم سلمة في قارورة زجاجية واحتفظت بها على نحو 50سنة أو أكثر من ذلك وهي تنظر إلى التربة وتقول لأن تتحولين إلى دم عبيط لهو يوم عظيم على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالفعل حصل ذلك يوم عاشوراء بعد الظهر وكانت نائمة فقامت وهي ترى رسول الله أشعث أغبر باكي العين محدودب الظهر، ما الذي جرى يا رسول الله، قال لها الآن قُتل ولدي الحسين0 فنحن عندما نهتم بالحسين في مواكبه وعزائه ونذكره في كل وقت وذلك لمواساة وعزاء وطلب لمرضاة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالنبي المصطفى في قلوبنا ولذلك نحن نهتم بذلك 0فالآن خلال هذين اليومين ترون كل مناطق شيعة أهل البيت حزينة على رسول الله(صلى الله عليه وآله) وغيرها لا يعلم بالحادثة بل هناك بعض الآلات الموسيقية في هذه الأيام قائمة ولكن شيعة أهل البيت يندبون ويبكون سيدهم ورسولهم ونبيهم(صلى الله عليه وآله) وكيف لا يصنعون ذلك والقول الوارد عن أئمتنا (وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله فإن الخلق لم يصابوا مثل مصيبته)،