كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين
يروي أبو بصير عن الامام الكاظم عليه السلام ان الامام الكاظم قال عندما حضرت الوفاة لوالدي قال(يا بني لا يلي غسلي غيرك وهكذا فعلت مع ابي )
فالأمام الصادق يوصي ابنه الامام الكاظم بهذه الوصية وهكذا فعل الامام الصادق مع ابيه الامام الباقر عليهم السلام جميعا .
ولد الامام الكاظم عليه السلام في سنة 128 للهجرة وبقي مع ابيه الامام الصادق عليه السلام عشرين سنه الى ان استشهد الامام الصادق بسم دسه له المنصور الدوانيقي العباسي سنة 148 للهجرة استشهد الامام الصادق فانتقلت الامامة للإمام الكاظم عليه السلام وقد نص الامام الصادق على امامته بطرق سوف نأتي بذكرها .
تولى الامامة وعمره عشرون سنه وبقي الى سنة 183 هجرية حيث استشهد الامام الكاظم عليه السلام على يد هارون العباسي وبذلك تكون فترة امامة الامام الكاظم 35 سنة وهي تعتبر من أطول فترات امامة اهل البيت فالبعض فترات امامتهم قصيرة جدا لم يمهلهم الظالمون كالإمام العسكري الذي كانت امامته 6 سنوات فقط ، الامام الهادي أيضا فترت امامته طويلة تقريبا 34 سنة البعض كانت متوسطة كالإمامين الحسن والحسين كل منهما 10 سنوات فعلية أي حينما يستشهد الامام الموجود يباشر من بعده الامام المنصوص عليه من بعده بمهمات الامامة ، الامام علي عليه السلام أيضا تعتبر فترة امامته طويلة فهي من سنة 11 للهجرة من بعد وفاة رسول الله صل الله عليه واله الى سنة شهادته 40 للهجرة أي 29 سنة .
في هذه الفترة الامام الكاظم اكثر سنواته قضاها في المدينة المنورة ما عدى سنواته الأربعة الأخيرة من عمره الشريف اخذ من المدينة باتجاه البصرة ليسجن فيها سنة ومن ثم نقل الى بغداد وتنقل في اكثر من سجن الى ان بقى في سجن مدير الشرطة في ذلك الوقت السندي ابن شاهك لعنة الله عليه وعلى من ولاه وكانت شهادة الامام عليه السلام في سجنه سنة 183 للهجرة.
وقام الامام عليه السلام بدوره في نشر العلم والمعرفة وهذا هو الدور الأصلي لائمة اهل البيت عليهم السلام ، ولولا تواجد الائمة في تاريخ المسلمين ولو لم يقوموا بنشر معالم الدين وتبليغ رسالة الله الى خلقه لكانت الامة كلها مشبهه ومجسمة في عقيدة التوحيد ، وهذا موجود عند فئة من المسلمين هم من المجسمة وان لم يعترفوا بذلك فمن يقول برؤية الله في المنام يعتبر مجسم ومن يؤمن بان الله له رجل وعين ويد يعتبر مجسم وأيضا عقيدتهم بان الله يرى يوم القيامة اكبر دليل على تجسيم الله وتشبيهه وهذا تشويه لعقيدة التوحيد المنافية للتجسيم والتشبيه .
وهذه العقيدة تنافي عقيدة التوحيد التي تنفي التشبيه التي حاربها الائمة عليهم السلام وبالخصوص في فترة امامة الامام الباقر والصادق والكاظم والرضا، فالسلاطين كانوا يدعمون التوجهات الفكرية والعقائدية الخاطئة ولولا جهود الائمة لأصبح المسلمون كاليهود والنصارى الذين ادعوا لله ولد وغيروا رسالات انبياءهم وحرفوها عن مسارها الصحيح .
وأيضا فيما يرتبط في اعتقادنا بالنبي محمد لولا أئمة اهل البيت عليهم السلام هم الذين حفظوا الصورة الحقيقية لرسول الله وانه بالفعل لعلى خلق عظيم وانه لا يخطئ ولا ينسى لأصبحنا اليوم امة مسلمة نعتقد بان النبي يرتكب الأخطاء والذنوب ويعتدي على الغير بلا سبب ولا مبرر ولكن الائمة عليهم السلام حفظوا صورة رسول الله وشخصيته من التشويه والافتراءات الباطلة من قبل المبغضين له وحاربوا كل من يحاول تشويه صورة رسول الله .
وبالرغب من العداء الذي كانوا يكنونه لهم خلفاء عصرهم الا انهم يعلمون ان العلم لديهم ولهذا يلجئون اليهم في اخذ رايهم في كثير من القضايا الفقهية او في أمور القضاء ،وتذكر حادثة في زمان الامام الجواد سنة 220 للهجرة في زمان المعتصم العباسي عندما أرادوا ان يقطعوا يد احد السراق اختلفوا عند المعتصم وجاءوا بقاضي القضاة احمد ابن داوود الايادي فقال تقطع اليد من الزند وحينها سال المعتصم الامام ما رايك فأجابه بان السارق تقطع أصابع يده فقط لان الكف احد أعضاء السجود فهي من المساجد السبعة التي عينها الله اثناء السجود في الآية القرآنية ( ان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احد ) والنبي قال ( السجود على سبعة اعظم ) منها عظمة الكف ،حينها امر المعتصم بالأخذ برأي الامام .
وهذا الموقف وغيره كان احد الأسباب في تحريض قاضي القضاة احمد ابن ابي دأوود للمعتصم العباسي على الامام الجواد ليقتله فقد اثار الخوف والريبة من تقوية الامام عند عامة الناس بأخذ رايه وتقديمه على فقهاء البلاط العباسي وقاضيهم .
وكان هذا احد أسباب تحرك المعتصم لاغتيال الامام عليه السلام .
فالدور الأساسي لائمة اهل البيت هو حفظ عقيدة الدين من التحريف الذي كان يمارسه قضاة وفقهاء الاتجاه السياسي.
من جملة ما نص عليه الامام الصادق عليه السلام طرق اختيار الامام من بعده والذي يرجع الى اختيار الله فهو ليس ارث ولا رأي شخصي من قبل الامام او الرسول وهذا ما تنص عليه الآية ( يا أيها النبي بلغ ما انزل اليك من ربك ) فاختيار الامام علي من بعد رسول الله ليس لأنه ابن عمه وزوج ابنته وانما لأنه خيار الله وكذلك امر الإمامة هو اختيار من الله والامام وظيفته ان يبلغ هذا الامر الى المسلمين وشيعته ,
هذا البلاغ له طرق مخالفة فقد يأتي بنص مباشر من الامام فيحدد اسم الامام الذي يليه من بعده او يقول مثلا وصيتي الى ابني الفلاني هو الذي ينفذ وصيتي ويقضي ديني فيفهم من ذلك بان المحدد هو الامام من بعده وأيضا الوصية اليه بان يغسله ويلي امره فالأمام علي هو الذي غسل رسول الله
ومثل هذا الامر ان الامام لا يغسله الا امام ليس امر حتمي في امر الامامة ولكنه لم يتخلف عنه أي امام ولو بشكل اعجازي كما مذكور في روايات الشيعة كما حدث للكاظم عليه السلام والرضا بان الامام الرضا حضر وغسل وجهز اباه بطريق الاعجاز كما تذكر الروايات.
فمن طرق ذلك عن ابي بصير انه ذكر عن العبد الصالح ومقصود به الامام الكاظم كان يستخدم هذا اللقب للإمام أوائل امامته حينما كان المنصور الدوانيقي مصرا على قتل من يأتي بعد الامام الصادق عليه السلام .
ومن الطرق الدالة على الامامة انه يصدر بشكل مباشر فحينما يسال الامام الموجود عمن يكون من بعده فيشير الى ابنه فيقول لابني هذا وان كان صغير السن كما حدث مع الامام الجواد والامام الرضا عليهما السلام .
واحيانا يبتدر الامام القول لجماعته فيقول ابني موسى هو الامام من بعدي فسمعوا له واطيعوا امره امري وطاعته طاعتي ولقد البسته الدرع فاستوى عليه ويقصد بالدرع العلم ومواريث الأنبياء .
ووصية الامام الصادق الرسمية المكتوبة والمشاعة أوصى بها الى خمسة اشخاص (ان وصيي من بعد موتي هو أبو جعفر المنصور وحميدة زوجته وعبد الله الافطح والي المدينة وموسى ابن جعفر) لكي يضيع الوصي الحقيقي بين هؤلاء فحينما وصلت رسالة المنصور العباسي الى المدينة كتب له انه أوصى الى خمسة اشخاص فحينها قال ما الى قتل هؤلاء من سبيل والذي كان هو احدهم.
واستقرت الأمور للإمام الكاظم عليه السلام فترة وجوده في المدينة وحينما توسعت أموره وشعبيته في المدينة رأى هارون العباسي ان الامام يكاد يسيطر على المدينة من غير جند ولا قتال بل بأخلاقه وعطاءه فهو معروف بالكرم والعطاء وقضاء حاجات الناس .
فامر ان يأخذ الامام من مدينة جده الى سجن البصرة وسجن فيها اقل من سنة عند عم هارون واخ ابي جعفر المنصور وهذا الرجل لم يرى من الامام سوء العبادة والتهجد والانقطاع الى الله فلم يراه يشتكي او يعترض فارسل الى هارون بانه سيطلق صراحه ان لم يستلموه فاخذ الامام الكاظم من البصرة الى بغداد وسجن في بعض بيوت اهل بغداد كالبرمكي وغيره وقد اثر عليهم وعلى ابناءهم وحينها حول الى جلاد شرس مرتزق وكان طامع في الدنيا وقد ولي على دمشق فترة من الزمن فكان يطمع في الامارة ويسعى لها باي طريقة من الطرق فحينما ولي على احد أبناء الامام علي واتته الفرصة ليثبت اخلاصه للعباسيين فسجنه في سجنه في بغداد ومارس معه شتى أنواع العذاب والاهانة والتنكيل عليه السلام الى ان دس له السم ووافته المنية سلام الله عليه .