بسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بفضل الله وعونه ها أنا أكتب السطور الأخيرة في كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه واله ، وبه أختم الكتابة فيسيرة المعصومين عليهم السلام، لتتم السلسلة في أربعة عشر كتابًا.
من جميل التوفيقات - كما أرى - أنني ختمت بخاتم الرسل والأنبياء في أيام شهادة ابنته الصديقة الزهراء عليهاالسلام بناء على رواية الأربعين يوما، وكنت قد بدأت هذه السلسلة بكتابة أول كتاب فيها عن الإمام المهدي عجل اللهفرجه وتلاه كتاب عن الصديقة الزهراء عليها بعنوان : إني فاطمة وأبي محمد. وهو يحتوي على شيء من سيرتهاوشؤونها وخطبتها الفدكية.
وكان الكتاب ما قبل الأخير فيها حول أمير المؤمنين علي السلام ، وأرجو أن يكون مصيري - ووالدي وأهلي - والقارئ الكريم ما بين أضلاع هذا المربع وما يحتضنه ويحويه من الأئمة المعصومين، وأن يرزقني وإياكم شفاعتهمومرافقتهم في الجنان. ثم إنني لا أزال أعتبر هذه الكتب ـ المختصرة ـ بمثابة قاعدة البنيان التي يبنى عليها، ولاتزال تحتاج إلى عمل أفقي وعمودي فيها، ولكن وفق الله تعالى وأعان فتمت الخطوة الأولى، ويقيني أن عونه لاينقطع فيما يتلو من الخطوات الآتية.
وقد ذكرت أكثر من مرة أن هذه السلسلة ناظرة إلى الفئة الشابة الراغبة في معرفة سيرة قادتها المعصومين وقد لايتيسر لها - لأكثر من سبب ـ مراجعة الموسوعات الكبيرة مع ما فيها من الفوائد والمنافع . والكتابة بهذا النظر ومعملاحظة هذه الجهة تتحكم في الكاتب في اختيار المواضيع وتفاصيل كل موضوع وتوجيه الموضوع كذلك. ولذا لاأعلم هل ستكون نافعة للمحققين من طلاب العلم أو المثقفين المتعمقين في التاريخ ونظرائهم أو لا تكون. لكن هذه ـفيما أظن ـ هي قدرة الإنسان مثلي فإذا توجه لطبقة معينة فلا بد أنه سيغفل عن طبقة فوقها، نعم هو القرآن العظيمالذي يخاطب
المستويات المختلفة وفيه البطون المتكثرة.
ربما يلحظ القراء الكرام بأن كل كتاب من هذه السلسلة ينقسم إلى قسمين أساسيين؛ القسم الأول منه عبارة عنسيرة مختصرة للمعصوم من ميلاده - أو قبل ميلاده ـ إلى لحظة مغادرته هذه الدنيا، وتشتمل على عرض غيرمفصل لحياته الشخصية والمهم من أدواره وأعماله، وهذا في الغالب يشكل ثلث أو ربع الكتاب، ويصلح لمن لاتستهويهم القراءة الطويلة، وفي النية – إذا وفق الله - أن تطبع كمجموعة مستقلة ومختصرة، والقسم التالي من كلكتاب يحتوي على موضوعات متفرقات ترتبط بحياة المعصوم، كتفصيل حياته الأسرية أو تراثه العلمي أو علاقاتهمع القوى الحاكمة في عصره أو غير ذلك.
أضفت في هذا الكتاب فصلا في الأخير هو عبارة عن تسعة أسئلة تم اختيارها من بين أسئلة كثيرة كنت قد طلبتممن يتابعني إن كان لديهم أسئلة تبحث عن جواب، فكان أن أرسل الإخوة والأخوات عددًا غير قليل منها، اخترتهذا العدد منها وهو يشتمل على أسئلة متنوعة، ربما كان غير السهل إفراد موضوع خاص بها، وأرجو أن تكونالإجابات عليها وافية بمقدار ما يحتمله
وضع الكتاب.
سيرى القارئ الكريم - والقارئة المحترمة ـ أنني في هذا الكتاب قد غيرت كل ما ورد من الصلاة الناقصة علىالنبي والتي كانت تنقل من مصادر مدرسة الخلفاء إلى الصلاة التامة التي فيها إضافة الآل، إلا ما زاغ عنهالبصر أو في مواضع خاصة نقلتها بصورتها
الأصلية للاستشهاد على الخطأ الذي لا يزال موجودا في ساحة المسلمين من ترك الصلاة التامة والاعتماد علىالصلاة البتراء.
وقد وقع الاختيار في اسم الكتاب على عنوان «رحمة للعالمين» بعدما استشرت الاخوة والأخوات في أربعة أسماءليختاروا أفضلها، فجاء هذا الاسم حائزا على أكثر آرائهم، وأشار بعضهم إلى جهات فيه منها أنه وصف قرآنيللرسول المصطفى من ربه، وكأنه تحديد دقيق لمهمته ووجوده في العالمين، بالإضافة إلى ما بين رحمة الله التيوسعت كل شيء ورحمة الرسول ولعل المقصود برحمة الله التي وسعت كل شيء، رسوله في أحد بطونها، إضافةإلى كونه رحمة للمؤمن والفاجر، والصالح والطالح، وقد تجد في فصل مقامات النبي في هذا الكتاب ما يشرح هذاالمعنى، كما أن سائر مهماته وجهاده وتبليغه وتعليمه وتزكيته وإنذاره وتبشيره وشفاعته، كل ذلك هو من تجلياترحمة الله .
وفي الأخير أسأل الله سبحانه وتعالى الذي وفق وأعان أن يتقبل هذه الصفحات بقبول حسن وأن يكتبها في ميزانالولاء لمحمد وآله، وأن يكتب لي ثوابها ولوالدي وأهلي وجميع من ساعد
أو ساهم بنحو من الأنحاء في إعدادها أو تمويلها أو نشرها، وجميع المؤمنين بهم والموالين لهم، ولكم أيها القراءالكرام.
وما أحراني بقول إخوة يوسف وهم يخاطبونه، وأنا أفقر منهم وأخاطب من هو أكرم وهو الرسول الأكرم صفوةالكائنات وأشرف الموجودات محمد المصطفى يا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَاالْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ يوسف : ۸۸.
فوزي بن المرحوم محمد تقي آل سيف
تاروت القطيف ـ في العاشر من ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ
