تحرير الفاضلة زهراء محمد
رُوي عن الشيخ الصدوق والمفيد رضوان الله عليهما بأسانيد قوية عن أُسيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وآلة أنه قال: ( لمَ ضُرب علي ابن أبي طالب جاء رجل عند بيته وقال: رحِمك الله يا أبا الحسن كُنت أول القوم إسلاماً وأعظمهم وأخلصهم إيماناً وأعظمهم مناقب وأكثرهم سوابق وأعظمهم عناءَ وأحوطهم على الإسلام وأقربهم لرسول الله وأشبههم به خُلقاً وسمتًا وفعلاً، كُنت للمؤمنين أباً رحيماً إذ صاروا عليك عيالا وعلى الكافرين عذاباً صباً وغلظة وغيظاً فحملت ما عنه ضعفوا وأخذت الذي عنه تقاعدوا) فلما سُئل الإمام الحسن عليه السلام من هذا ؟ قال هذا أخوه الخضر عليه السلام.
لخّصت هذه الكلمات بعض من جوانب حياة أمير المؤمنين عليه السلام المباركة وصفاته الكريمة والتي تُنسب إلى الخضر عليه السلام وقد جاء نظيرها أيضاً في الزيارات المأثورة عن المعصومين عليهم السلام وابتدأها بقوله:
(كُنت أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً)
يُلاحظ في ابتداء رواية الخضر عليه السلام التركيز على الصِفة الأولى للإمام عليه السلام وهو أنه كان أول المسلمين على الإطلاق اسلاماً وإيماناً برسول الله صلى الله عليه وآلة، ولا ينفع بعض الكُتاب بأن يقول الأول من الرجال فُلان ومن النساء فُلانه ومن الموالي فُلان ومن العبيد فُلان ، فإن هذه الطريقة من التعبير والتضييع يُراد منها سَلب الأولوية عن الإمام علي عليه السلام والذي صرّح بنفسه بهذا في أكثر من مورد ونُقل في كثير من مصادر الإمامية وكذلك مصادر مدرسة الخُلفاء كسُنن النسائي ومسند أحمد ابن حنبل والمستدرك على الصحيحين للحاكم النيشابوري في أولوية وسبق الإمام علي عليه السلام في المبادرة إلى الإسلام.
*رواية تُدلل على أولوية الإمام علي عليه السلام وسبقه للإسلام...
الرواية تُنقل من مصادر مدرسة الخُلفاء كسُنن النسائي ومسند أحمد ابن حنبل والمستدرك وأيضاً في الكثير من مصادر الإمامية..
يقول أحدهم ذهبت إلى مكة المكرمة لكي أشتري قُماشاً أول البعثة فبعد أن قضيت ذلك مررت بالعباس ابن عبدالمطلب وكان لي معه شأن، سألت عنه قيل: هو عند الكعبة ،فذهبت إلى العباس لكي أقضي معه شأنه حتى إذا انتصف النهار، جاء رجل أزهر اللون كفّ اللحية وهو رسول الله صلى الله عليه وآلة وإلى جانبه غُلام لم تخط لحيته بعد وخلفهما امرأة قد سترت محاسنها، فوقف هذا الرجل ووقف ذلك الغُلام وخلفهما المرأة (على طبق صلاة الجماعة كما هي معهودة اليوم) وبدأ يذكُرا شيئاً ثم ركعا وهكذا، فقُلت للعباس: ما الخبر؟ قال: بلى هذا ابن أخي محمد يقول إن الله أرسله بدين يدعوا فيه إلى ترك الأصنام وعبادة الله وحده وهذا الذي إلى جانبه عليّ وتلك زوجته خديجة.
وفي تتمة الرواية في بعض المصادر يقول ناقل الخبر: فلو أسلمت حينئذٍ لكُنت رابع الإسلام.
تُدلل وتؤكد هذه الرواية على أن الإمام عليّ عليه السلام كان هو الأول والمبادر وصاحب السّبق إلى الإسلام وهذا مما لا يكاد يُناقش ولا يُخالف إلا على سبيل الاعتساف وقلة الإنصاف.
*مكة المكرمة قبل الإسلام وبعده ...
تُعتبر مكة المكرمة منطقة مُشرفة وذات قداسة وهذا حدث بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وآلة حيث جاءت التشريعات التي وسعت نطاق هذه المنطقة وأصبحت مكة بأجمعها حرماً ولا يستطيع الإنسان أن يدخُل هذا الحرم من دون العبور عبر بوابات تُسمى بالمواقيت حتى يُحرم منها مقدمة للإتيان بعمُرة يطوف فيها بالبيت سبعاً ثم يسعى سبعاً ثم يطوف مرة أخرى طواف النساء وهكذا يؤدي الفرض الواجب عليه عند دخوله مكة المكرمة وهذا يُعدّ نوع من أنواع التشريف والحُرمة، فهي ليست سوق يذهب إليه الإنسان أي وقت يشاء، وأكثر من ذلك فهو أيضاً لا يستطيع أن يدخل فناء البيت الحرام وهو جُنب أو وهي حائض أو نفساء، وإذا زاد دخول الإنسان إلى هذه المنطقة عن شهر لا بد له من أن يعتمر لكي يتمكن من الدخول إليها.
وأما قبل البعثة النبوية فكان عند العرب الشيء الموقر هو فقط الكعبة ومقدار بسيط يسعّْ الطواف حولها وما بعد ذلك كان أشبه بساحة البلد ومكان للجلسة والسمَر والضحك والبيع والشراء بل كان هناك مكان يُسمى بالحزوَّرة وهو مكان فتحة زمزم سابقاً ويقع على بُعد 6 أمتار من الكعبة أتخذوه لذبائحهم ولإلقاء فضلاتهم فيه، بدليل ما نُقل في سيرة النبي صلى الله عليه وآلة من أن النبي كان يُصلي وجاء أحدهم وأخذ سلى بعير( وتعني كرشة البعير أو بقايا الفضلات) ووضعها على ثيابه.
*ماذا نستفيد من أولوية الإمام عليّ عليه السلام؟
(كُنت أول القوم إسلامًاً)
لابدّ لأتباع الإمام علي عليه السلام وشيعته الاستفادة من هذه المكانة العظيمة والمرتبة الشريفة للإمام عليّ عليه السلام في جانب الاعتقاد به وبأفضليته وفي جانب العمل والسلوك وذلك في المبادرة إلى كل خير وصلاح وأن يكون الإنسان أولاً في أعمال البِّر والمعروف ، وأولاً وسابقاً إلى الصلاة في أول وقتها حتى يتم الانتفاع بها تماما، وأولاً في صف الجماعة حيث أن الصف الأول له أفضليته في الثواب وحتى تُحقق معنى أولوية الإمام عليّ لا بد لك أن تكون الأول أيضاً في دعم المشاريع الدينية والأول في السعي بين الناس بالإصلاح.
(وأعظمهم وأخلصهم إيماناً)
قد يكون الإنسان سابقاً وأولاً في جهات الخير والبر ولكن في جهة النيّة والإخلاص قد لا يكون هو الأول والأقوى لأن النية والإيمان الداخلي لا يُمكن أن يُرى بدليل أننا جميعاً نُصلي صلاة واحدة ولكن مدى الانتفاع بالصلاة في تغيير السلوك هو نسبي ومتفاوت كُلٌ على حسب إخلاصه ونيته هل هو من الذين لا ينتظرون مدحاً وثناء أم هو من الذين يُسابِقون لنيل كلمات المدح؟ وكذلك قراءة القران الكريم هي كُلها آيات واحده ولكن مدى اطمئنان قلب الإنسان بهذا الذكر الحكيم متفاوت ومختلف، قد يطمئن قلبٍ تمام الاطمئنان وأما قلبٌ آخر فيطمئن بمقدار النصف، وهنا يظهر من هو (وأعظمهم إيماناً)
*رواية تُدلل على شدة خشية وإيمان الإمام عليّ عليه السلام...
تُنقل هذه الرواية عن أبو الدرداء عُويمر الأنصاري المعروف بكثرة عبادته وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآلة وكان قاضي في دمشق أيام معاوية ابن ابي سفيان لم يكُن معادياً لأهل البيت عليهم السلام ولا من المتشيعين لهم حتى يُقال إنها شهادة مُحب وموالي.
عن عُروة ابن الزُبير وهو من الخط المُضاد لأهل البيت عليهم السلام قال:( اجتمعنا في مسجد رسول الله فتباحثنا في أصحاب رسول الله في بدر وأُحد وبيعة الرضوان ومن هو أفضلهم خشية وأكثرهم خوفاً لله وعبادة ،فقال أبو الدرداء: أخوفهم لله وأخشاهم لله علي ابن ابي طالب، فاستنكر عليه الحاضرون فقالوا: قُلت كلاماً لا بد لك من أن تُبرهن عليه فقُلت لهم: أنا أنقل لكم ما رأته عيناي وأنتم أنقلوا ما رأته أعينكم عن آخرين قالو: قل، فقُلت: رأيت عليّ ابن أبي طالب ذات مرة وقد ذهب إلى شويطحات بني النجار1وقد تخلى عن مواليه وانفرد عن من يليه ،فسمعته يُناجي ربه ويقول: إلهي أُفكر في عفوك فتهون عليَّ مُصيبتي ثم أذكر الشديد من أخذك فتعظُم عليَّ بليتي، آهٍ إن رأيت في كتابي سيئة أنا ناسيها وأنت مُحصيها فتقول خُذوه، فياله من مأخوذ لا تنفعه قبيلته ولا تمنعه عشيرته، آهٍ من نارٍ نزّاعة للشوى، آهٍ من نارٍ تُنضج الأكباد والكلى وانطلق في مناجاته ودعائه إلى ربه سبحانه إلى أن أُغمي عليه، جئت إليه أنبهته ولم ينتبه، فظننت أنه مات، فذهبت إلى بيت فاطمة وقُلت لها: يا فاطمة لقد مات عليّ ابن ابي طالب أعظم الله لك الأجر، فقالت لي: كيف رأيت؟ فوصفت لها، قالت: يا عُويمر هذه هي الخشية التي تعتريه إذا ذكر الله عزّ وجلّ، وعرفت أنه لم يَمُت ذهبت إليه وصببت الماء على وجهه أفاق ولمَ أفاق شرع في الدعاء مرة أُخرى، فقلت له: يا أبا الحسن الله الله في نفسك إني أُشفق عليك مما تصنعه في نفسك، قال: يا عُويمر كيف لو رأيتني يوم القيامة وقد احتوشتني ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون لو رأيتني كذلك لكُنت أكثر رأفة بي منك هنا، قلت له: هكذا أنت يا عليّ وأنت لم تصنع شيئاً).
وكذلك ذكر ضرار في وصف أمير المؤمنين عليه السلام عندما دخل على معاوية قال له: رأيته وقد أرخى الليل سُدوله وغارت نجومه وهو يتململ تململ السليم ويبكي بُكاء الحزين ويقول: إليك عني يا دُنيا غُرّي غيري إلى آخر كلامه في حق عليّ عليه السلام.
*ما هو الأثر العملي السلوكي الذي يُستفاد من خشية الإمام عليّ عليه السلام وشدة إيمانه؟
لا بد لإيمان الإمام عليّ عليه السلام وشدة خشيته من الله أن يترك أثراً جلياً في السلوك العملي مع الله في الخلوة وعند التعرض للشهوات هل نخشى الله ونستشعر رقابته ونظره إلينا في كل الأحوال؟ وعندما يهمّ الإنسان بذنب من الذنوب وقد أغلق الأبواب على نفسه وسترها من كلُ ناظر عدى الله في ذاك المشهد هل يُشعر الإنسان نفسه برقابة الله عزّ وجل ويخشاه خشية من يرتدع من ذلك الذنب؟
وأما في الجانب السلوكي مع الناس فيقول أمير المؤمنين عليه السلام: ( والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت) هذا هو الإمام عليُّ عليه السلام لا يعصي الله في نملة وإن أُعطي الكون بما يحويه من مجرات وأفلاك، فكيف يظلم الإنسان الذي هو مُحترم المال والدم والعرض ، وهذا هو محلُ الاقتداء فلا يظلم الزوج زوجته ولا يظلم أخاه وصاحبه وعامله ومؤجره ومستأجره ولا يغش أحدٌ أحدا من أجل حُطام الدُنيا من مالٍ وغيره ومن أجل نفسٍ يؤل إلى البلى قفولها ويُسرع في الثرى حلولها ، لا شيء يستحق الظلم لأن نفس هذا الإنسان الظالم سوف تُسرع إلى البوار والهلاك مهما طال عُمرها.
*من هم شيعة عليّ عليه السلام؟
يُجيب على هذا السؤال أمير المؤمنين عليه السلام عندما سأله همّام صاحب أمير المؤمنين وكان رجلاً عابداً قائلاً: (2 يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم. فتثاقل عليه السلام عن جوابه ثم قال: يا همام اتقِ الله وأحسن، فلم يقنع همام بهذا القول حتى عزم عليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال عليه السلام: أمَّا الليلُ فَصَافُّون أَقْدَامَهُمْ، تَالِينَ لأَجْزَاءِ القُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلاً. فَإذَا مَرُّوا بِآيةٍ فِيهَا تَشْويقٌ رَكَنُوا إِلَيْها طَمَعاً وَتَطَلَّعتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ. وَإذا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيها تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِع قُلُوبِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ، فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ وَرُكَبِهِمْ وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ، يَطَّلِبُونَ إِلَى اللهِ تَعَالى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ. وَأَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ، أَبْرَارٌ أَبْرَارٌ أتْقِيَاءٌ. قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ القِدَاحِ).
في هذا النص يصف أمير المؤمنين عليه السلام أصحاب الضمائر والقلوب اليقِظة الذين إذا قرئوا القُرآن تأثروا واطمأنت به قلوبهم وظهر ذلك في أفعالهم فليس منهم من هو صاحب نظريات بلا فعل بل بَروا 3أنفسهم بالخوف من الله الذي هذّب نفوسهم وأصلح مسار حياتهم، وإذا ما مُدح أحدهم خاف مما يُقال فيه فيقول: أنا أعلم بنفسي وذنوبي الذي سترها ربي عن عيون عباده وقال اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خير مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ،وهذا خلاف الواقع الذي نعيشه اليوم الذي يُعتبر فيه الشخص الغير مادح لنا لفعل خير ما هو متعدي علينا بل في بعض الأحيان تنشُب المشاكل في المساجد والمؤسسات والهيئات فقط لأن فُلان قد ذُكر أسمه أمام الآخرين ولم يُذكر أسمي وآخر قد كُرّم وأعطي شهادة وأنا لم أُعطى.
يجدر بالإنسان أن يتأمل في هذه الصورة النيّرة ويتخذ منها مقياس على نفسه لكي يتمكن من أن يصل إلى تقوى الله ومشايعة أمير المؤمنين عليه السلام حق مُشايعه حيث يقول الإمام الباقر في هذا الصدد: (أيكفي من ينتحل التشيع أن يقول بِحُبنا أهل البيت فو الله ما شيعتنا إلا من اتقَ الله وأطاعه).
*بعض الصور التي لا تُمثل منهج الإمام عليّ عليه السلام...
1/ تتمثل الصورة الأولى في العُصاة المذنبين الذين قد غرروا أنفسهم بالنجاة والفلاح برغم غيهم وتخبط سيرهم إلا انهم يُحدثون أنفسهم بالنُجح في عاقبة أمرهم فقط لانتمائهم لشيعة أمير المؤمنين عليه السلام كذلك ما يقوله بعض الناس للعامة من أنك أنت من نسل الأئمة افعل ما شئت وستدخل الجنة حتى وان عصيت واذنب ،وهذا لا يمُت للصحة في شيء وهو خداع وتغرير باطل، وفي ذلك يقول الإمام الرضا عليه السلام لأخيه زيد ابن موسى الكاظم الذي ثار في الكوفة وقام ببعض التجاوزات كما ينقل التاريخ حيث أحرق بعض بيوت التابعين لبني العباس حتى سُمي بزيد النار وقُبض عليه في زمان ولاية عهد الإمام الرضا سنة 201-202 وجِيء به إلى المأمون الذي جمعه مع الإمام الرضا الذي كان يُريد أن يُصحح مفاهيم أخيه بقوله: ( يا زيد أغرّك قول سفلة أهل الكوفة إن فاطمة أحصنت فرجها فحّرم الله ذُريتها على النار قال: ذاك للحسن والحسين خاصة) فإذا كان زيد يرى أن أباه الإمام موسى الكاظم يُطيع الله ويدخل الجنة وهو يعصي الله ويدخل الجنة فهو أكرم على الله من موسى ابن جعفر وهذا بالطبع باطل وغير صحيح لأن الله عزّ وجلّ يُجازي على الطاعة الجنة والمعصية النار وإن كان من ذرية النبي فكيف بعامة الناس وفي ذلك تُنقل قصة لإحدى المؤمنات التي تنقل أن زوجها قد بلغ من العُمر عِتياً ولا يزال يُلاحق شهواته بالحرام وسوء السبيل بالرغم من كونه قادراً على الزواج إلا أن الضلال والعمى والشهوة قد أوقعاه في المعصية وهذا لا يُلائم من بلغ به العُمر مبلغ الرحيل فمن باب أولى تدارك التقصير في ما مضى والعكوف على التوبة وطلب المغفرة قبل حلول الفوت، فمن بات على مثل هذه الصورة فلا يخدع نفسة بالجنة لأنه من شيعة عليّ عليه السلام فعليُّ لا يشفع إلا لمن اتقى وخشي الله وعمل صالحاً.
2/ تتمثل الصورة الثانية من الصور التي لا تلتقي مع نهج الإمام عليّ وسيرته في الظلم لمن هم تحت أيدينا سواء كان/ت زوج أو زوجة أو أخ أو أخت أو ولد أو عامل أو حتى عامة الناس فالظلم صورة واضحة لعدم الالتزام بمنهج الإمام عليه السلام وفي ذلك تُنقل قصة4 حدثت في مجلس أحد وكلاء المرجعيات الدينية في أوربا والذي كان قد قرر مُساعدة امرأه اُضطهدت من قِبل زوجها وكان طلبها للطلاق مشروط بملغ مالي قدره سبعُ مئة ألف دولار وهو مبلغ لا تستطيع الزوجة دفعه ، فدخل هذا العالم لكي يُحاول اقناع هذا الزوج بتيسير زوجته بيُسر قدر المستطاع ولكن الزوج مُتعنتاً أثناء اتصال هاتفي مع هذا العالم رفض محادثته بحجة أنه في مجلس عزاء على الإمام الحسين ، أهكذا منهج الإمام الحسين عليه السلام الذي ما نهض إلا لمحاربة الظلم ومُقارعة الظالمين وهل هذا يُعد ارتباط بمنهجه عليه السلام ، بل هو تعسف وضلال في استعمال جهة شرعية وأنت في تلك الصورة تتبع يزيد ابن معاوية ولا تتبع الحُسين عليه السلام.
3/الصورة التحذيرية الثالثة تتمثل في من يُشرع أبواب الانحراف والدمار في المجتمع وهم أصحاب المواد المخدرة سواء كان بائع أو مُروّج أو حتى مُدمن ومشارك في إيقاع الناس في هذه الحُفرة السحيقة التي يصعب الخروج منها إلا أن تتداركه رحمة ربه وفي ذلك تُنقل قصة وقعت لإحدى المؤمنين وطلب الإشارة لها لأخذ العبرة منها يقول في ذلك ( أن أصحاب المواد المخدرة وصل بهم المأخذ إلى استعمال الفتيات في ترويج وتسويق المخدرات ودخل ذلك إلى بيته وزوجته بشيء بسيط بطلب من إحدى صديقاتها وبالتدرج حاولت أن تجعلها من المُدمنين على هذه المواد السامة الفتاكة لولا أن تداركها الله بلاحظ زوجها لوضعها الغير طبيعي فأخذ بيدها قبل أن تُقفل عليها الدائرة وبعد ذلك لا يمكنها الخروج منها وبعد ذلك تبين أن هذه المرأة المروجة هي مُدمنة وتحاول أن تصطاد غيرها لتحصل على المال لتكمل مسيرتها المُظلمة وإن لم تستطع الحصول على المال فتدفع بذلك مُتعة جنسية مُحرمة مقابل حصولها على المُخدر، أيُ دمار وأيُ حياة هذه التي تُبنى على الحرام لأن هذه الأموال تعتبر سُحت ولا يملك صاحبها منها أي شيء فضلاً عن أكله وشربه ولبسه ومسكنه وحجته وعمرته ، وحتى من كان لا يشترك في البيع ولكنه يُروج ويوصل هذه المواد المخدرة لا يجوز لمن يملك ادنى معرفة بهم أن يتستر عليهم بل أكثر يُفتي عُلمائنا بأن التعاون مع الأجهزة الغير شرعية بحسب التصنيف الفقهي جائز وفي بعض الأحيان واجب كفائي لحماية وكفّ هذا الأذى عن المجتمع.
لا بد أن يكون الإنسان حريص على طيب ماله ومأكله ومشربه حتى تكون حياته طيبة مباركة وأن يجتهد في حفظ الدين الذي عانى وجاهد وضحّى الإمام في سبيل حفظه وبقاءه بالابتعاد عن هذه الطُرق المنحرفة التي تعتبر ضد خط الإمام علي عليه السلام.
1 شويطحات(شويحط) هو شجرة من الأشجار التي تُأخذ من أغصانها الأقواس
2 جُزء من خُطبة أمير المؤمنين عليه السلام يصف فيها المتقين (كتاب نهج البلاغة خطبة رقم 193)